الماڤيا منال سالم
المحتويات
وهو يتابع مؤكدا
لن أنكر أني أحببت ذلك فيك
صدمني اعترافه ورددت غير مصدقة ما أسمع
ماذا
الخيال الخصب يكفي أن تحفزه ببعض الأفكار العشوائية الثرية ليتحول من فراغ أبيض باهت إلى لوحة زاخرة بكل المثيرات والتناقضات تخشبت في موضع جلوسي وأخذت أنظر إلى فيجو في تحير متزايد ما الذي فعلته يا ترى ليبدو مستمتعا بهذا الشكل فقلت في تعجل لأنهي الحوار
اقتحم عقلي ومضات مشوشة لبعض الأحداث المبهمة وقلت
لندع النقاش في هذا الأمر جانبا وأخبرني عن سيلفيا
سألني في اهتمام
ماذا عنها
جاهدت ليخرج صوتي ثابتا وأنا أخبره
آخر ما أذكره أنها تمكنت من الإيقاع بي وحقني بالإبرة
لقد تدبرت أمرها لا تقلقي
سألته في لعثمة خفيفة وأنا أرمش بعيني
هل لا تزال حية
أومأ برأسه مجيبا إياي
نعم هي كذلك
تنفست الصعداء لأني لم أحبذ كوني متورطة في التخلص من أحدهم فكيف يمكنني التعايش مع شعور الندم وعذاب الضمير انتبهت إليه وهو يكلمني بوعيد
سألته في توجس حين طرأت تلك الفكرة المفزعة في رأسي
هل تحتجزها بالقبو هنا
راوغ في الرد قائلا بشبح ابتسامة
لا يهم أين هي في الأخير ستنال جزائها
طلبت منه بوجه شبه عابس
كنت أبدو في تفكيري كطفلة ساذجة يسود أفكارها بعض الأوهام المفزعة للغرابة أمسك فيجو بوجنتي بإصبعيه وقرصها قليلا موبخا إياي
زوجة الزعيم لا تخشى أحدا وإن كان من الأشباح
بالمناسبة أنت أردت التجول ليلا في الحديقة بأريحية تامة
برزت عيناي بدهشة مصډومة ورددت بفم مفتوح
ماذا
لاذ بالصمت عن عمد لېحرق أعصابي من مجرد تخيل تنفيذي للفكرة المچنونة فألححت عليه متسائلة بارتباك جلي
بهتت ملامحي أكثر وقتما أكد لي مخاۏفي المحرجة
نعم
دمدمت في خجل شديد
اللعڼة
قبل أن تستبد بي الهواجس أوضح لي بمكر
لكن هنا في غرفتنا
هتفت مكررة ورائه كأنما أتأكد مما سمعت
هنا ليس بالخارج أليس كذلك
منحني اهتزازة صغيرة من رأسه وهو يرد
نعم لم أكن لأتركك تفعلين ذلك
ضممت يدي معا أمام صدري لأزيد من تشبثي بطرف الغطاء وصوتي الخاڤت يتمتم
يا إلهي سأقتل نفسي
انتفضت برجفة ملحوظة عندما وضع زوجي كفيه على جانبي كتفي يدلكهما في رفق بدا وكأنه يتودد إلي بلطافة غير معتادة وأكثر من اللازم رفعت نظري ناحيته ووجهي يشتعل خجلا حافظ على هدوئه اللعېن والمستفز وهو يخبرني
متلذذا بإحراجي
لا داعي فقد كانت ليلة غريبة
ابتسم لي هامسا
وأرجو تكرارها
ثم نهض من جواري قائلا
سأبدل ثيابي وأعود لعملي
لم يضف المزيد وعاد في
لمح البصر إلى ما كان عليه من جمود وجدية
ظللت أتابعه بنظراتي المدهوشة إلى أن اختفى داخل الحمام وأنا أتساءل بلا صوت
ما الذي حدث للتو!
رمشت بعيني لمرات سريعة متابعة حديث نفسي المحير
هل هذا حقيقي أم أنها هلوسة ما بعد ليلة أمس
استنكرت ما يحل بي عندما يقترب مني وهتفت في غيظ من بين أسناني
كيف أستجيب لإشاراته بهذه الحماقة
عاتبت نفسي في حدة وبلا أن أصدر صوتا وكأن صوت العقل هو من يتحدث بداخلي
كيف أسقط في فخ الغرام
ارتميت على ظهري وحدقت في السقف مكملة توبيخي
ليتني لم أحب
بترت كلمتي الأخيرة قبل أن أتمها صائحة في وجوم
لا لن أقول ذلك
سرعان ما استحوذ علي التوتر وأنا أتساءل في اضطراب
أم أني فعلت!
اللمحات الخاطفة لهذه المشاهد غير الدقيقة التي أخذت تزور عقلي بين الفنية والأخرى أشعرتني بأن ما اختبرته معه كان مفعما بالعاطفة وغير زائف
على غير المتوقع منه انشغل فيجو بالتواجد في القصر خلال الأيام اللاحقة حيث أصبح يعقد اجتماعاته الهامة بداخل غرفة المكتب كما راح يلتقي بقادة جماعته وأعوانه المخلصين فيه وكأنما قد جعل موطن خصوصيته مقرا لإتمام أعماله العالقة أما في المساء وعندما يخرج لمتابعة أمر ما فإنه يأتي قبل منتصف الليل رغم كونه معتادا على المجيء بعد ذلك لينام بالغرفة
لم أكن أترك ذلك يحيرني كثيرا فعقلي قد أرهق من كثرة التفكير والتخمين لذا نظرت إليه متسائلة دون استهلال
لماذا أنت هكذا
سألني مستوضحا وهو يوسد ذراعه خلف رأسه
كيف أكون لا أفهم
أجبته في صيغة تساؤلية
لما تعاملني بهذه الرقة لما أنت متواجد إلى جواري
كان جوابه كسؤال أيضا
هل هذا يزعجك
هززت كتفي معقبة
لا لكنه غريب أنت لست كذلك
توقعت ألا يقوم بالرد لكنه باغتني وتكلم من تلقاء نفسه
حسنا لقد استقرت الأوضاع مؤخرا تمت الهدنة ونال كل منا ما يريد لهذا لم يعد هناك أي داع للمبيت خارج القصر
وجدتني فجأة أسأله بنزق
وماذا عن البقية ألن ينزعجوا من غيابك
نظر تجاهي وقال
لا أكترث أو لنقل أني لا أهتم حاليا بالأمر
شعرت بشيء يندلع بداخلي يأكلني بشراهة ويؤجج الحنق في نفسي بالكاد حاولت أن يخرج صوتي عاديا لا يشوبه ضيق وأنا أتساءل
مثلي
نظر إلي قائلا بهدوء
أنت زوجتي لا تقارني نفسك بالآخرين
كرامتي كأنثى لم تسمح بتقبل البقاء على الحياد لهذا نفرت منه وأبعدت يده قائلة في تحفز
من السخيف أن أشعر بالغيرة
أخبرني بتعابير وجه غريبة
مشاعر الغيرة غير صحية على النفس
أضفت على ما قال وأنا أستلقي على ظهري
وغير صحيحة مع من لا يؤمن بالحب
کرهت ما ينتابني من ضيق وحقد لتذكر حال زواجي التعيس معه بقيت أتكلم
بمرارة وصوتي قد بدأ في الاختناق
يكفي أن تنال ما تبتغيه لتشعر بتفوقك وقدرتك على التحكم في مصائر الآخرين
لم أنظر ناحيته وأنا أكمل بصعوبة
أنت امتلكت كل جزء فيك بالفعل
تابعت جملتي المنقوصة وأنا ألصق راحة
يدي بموضع قلبي
لكن ما بالداخل هنا لا يزال حرا غير خاضع لك
رغما عني
طفرت دمعة متأثرة من طرف عيني لم أمسحها وواصلت الحديث في ثبات رغم الحزن المنتشر في نبرتي
فلا داعي لادعاء انجذابك المريب ناحيتي لتظفر بانتصارك اللحظي وتضمن بقائي هنا فأنا لن أخلط بين هذه الأمور
أدرت رأسي تجاهه وختمت كلامي هاتفة
فأنت كما قالت لي شقيقتي سابقا غير قابل للحب
ارتعش قلبي بقوة عندما حدجني فيجو بهذه النظرة القاسېة الخالية من العطف تلك التي جعلت أوصالي ترتجف أيضا ندمت على اندفاعي الأهوج في الإفصاح عما يجيش به صدري لكني أردت الٹأر لكبريائي المهان على يده نفض فيجو الغطاء بعيدا عنه استعدادا لنهوضه وقال في صوت آمر بعد أن استقام واقفا
اغتسلي وارتدي ثيابك سنخرج
سألته بدهشة ارتسمت على تقاسيمي
الآن أيعقل ذلك
أتى رده حازما وقاطعا
نعم هيا
من لهجته الصارمة أدركت أن أمره لن يرد ولن أتمكن من معارضته أو النقاش معه فقط كان علي اتباعه في انصياع وطاعة لأسلم من غضبته الوشيكة ترى أين سيصحبني في هذا الوقت المتأخر !!!
يتبع التالي
في هذه الآونة المتواترة علي بدت مشاعري متضخمة إلى حد غير مقبول مثير للمتاعب والقلق فالبسيط لدي أصبح كبيرا والطبيعي تحول إلى خارق ولا أجد إلى الآن تفسيرا لذلك يبدو أن رغبتي في سماع ما يثلج صدري قد بات مستحيلا وموجعا في نفس الوقت.
لماذا الوقوع في حب الشخص الخطأ مؤلما لهذه الدرجة ألا يمكن تجاوز تلك المشاعر الخانقة بسهولة توقفت عن إرهاق عقلي بما يؤرقه من أسئلة لا إجابات لها ونهضت من على الفراش لأهرع ناحية الحمام. بالطبع التأنق وارتداء الملائم من الثياب الرسمية في هذه الساعة المتأخرة لم يكن شرطا أساسيا للخروج لكون الأمر غير معد مسبقا اكتفيت فقط بارتداء زيا رياضيا مريحا من اللون الأبيض بعد أن تحممت في تعجل خرجت من غرفة تبديل الثياب ووقفت أمام تسريحة المرآة لأمشط خصلاتي سريعا دون أن أهتم بتجفيفها جمعتها معا في عقدة واحدة لتنساب على ظهري في شكل ذيل حصان رطب. نفضة خفيفة عصفت ببدني وفيجو يهتف من عند باب الغرفة
لا تتأخري أنتظرك بالأسفل.
التفتت برأسي لأنظر إليه وأنا أخبره
سألحق بك في التو...
رأيته يرمقني بهذه النظرة المطولة الغريبة لم تكن قاسېة ولا تحوي كرها بل مختلفة إلى حد كبير تدفعني لإبقاء عيني عليه طوال الوقت لعل في تحديقي أكشف السر الذي يناضل لإبقائه مدفونا في أعماقه. قبل أن يهم بالانصراف رفعت من نبرتي لأكرر عليه سؤالي الحائر
أين سنذهب
ما زال الغموض يحاوطه كليا وهو يجيبني
ستعرفين بعد قليل.
لم أسع للإلحاح عليه فهززت رأسي مرددة
حسنا.
ثم رسمت بسمة لطيفة على محياي لكنه غادر قبل أن يراها أحسست حينئذ بالندم لتلفظي بمثل هذه الحماقات المرتبطة بالمشاعر والعاطفة لماذا أواصل محاصرته بشيء لا ولن يفقه ماهيته مهما حاولت! تنهدت مليا وخاطبت نفسي
من الأفضل أن أتوخى الحذر فيما أفوه به معه.
ترددت في تقرير إن كنت بحاجة لأخذ إحدى حقائبي أم الذهاب خالية الوفاض لكني أثرت أن تكون معي واحدة كبيرة الحجم نسبيا إذ ربما أتخذها كدرع في حالة نشوب أي شجار بيننا وهذا كان متوقعا بعد ليلة مليئة بالتوترات المتفاوتة ما لبث أن تذكرت شيئا هاما منذ أن تزوجت ب فيجو لم يقم مرة واحدة بالضړب العڼيف علي مثلما يحدث مع باقي الزوجات حين يقوم أزواجهن بتلقينهن دروسا قاسېة تترك آثارها المكدومة على أجسادهن لأسابيع وأشهر بل على العكس كانت له طريقته المتفردة في التعامل معي وبما يجعلني أظهر ضعفي وحاجتي إليه. توقفت عن تفكيري التحليلي وهرعت إلى الخارج لألحق به وكل ما في يرجو أن تمر هذه الليلة المشحونة على خير.
استغرق الأمر بعد أن ركبت السيارة إلى جوار فيجو حوالي النصف ساعة من القيادة السريعة ولم نصل إلى وجهة محددة بعد. ابتعدنا عن الطرق المألوفة المحاوطة للمؤدية للقصر في ذهابنا وإيابنا المعتاد وبدأنا في أخرى خالية من السيارات تودي بالنسبة لي للمجهول انحرفنا بعد برهة نحو طريق تم شقه بين مساحات من الأشجار فارهة الطول لم أكن قد عرجت به من قبل انتابتني الحيرة الممزوجة بالقلق وحاولت التغلب على مخاۏفي بادعاء عدم اكتراثي لكني تطلعت إليه بين الفنية والأخرى متوقعة أن يبادر معي بالكلام ورغم هذا ظل ساكتا لا يحدق سوى في الطريق المظلم الممتد أمامه زفرت في ضجر واستطردت قائلة ويدي تعبث بحقيبتي المطابقة للون ثيابي
لم تقل لي بعد أين سنذهب.
بدا متكلفا للغاية وهو يعقب
ستعرفين حين نصل.
التففت للجانب قليلا بجسدي وسطلت أنظاري المنزعجة عليه ثم
خاطبته في تذمر
لما كل هذا الغموض أخبرني.
أبقى على صمته المغيظ فتابعت بانفعال طفيف
لم تكن بضعة كلمات أثرتها فقط لأشعرك بالضيق وأنا أعترف لك بذلك.
أدار رأسه لينظر تجاهي بجمود وقال في تهكم
ألا تتوقفين عن الثرثرة أبدا!
استفزني تعليقه فهتفت بعناد
أريد أن أفهم.
عاود التحديق أمامه وأوجز
لاحقا.
كززت على أسناني مدمدمة في صوت بالكاد يستطيع سماعه
أنت حقا تجيد إشعال ڠضب الغير بهدوئك اللعېن.
هذه المرة لم يتكلم بل رفع سبابته أمام وجهي محذرا إياي بالتزام الصمت فأومأت برأسي في طاعة وأوليته كتفي
متابعة القراءة