رواية مزيج العشق كاملة بقلم نورهان محسن
نزلت من الجناح بعد أن أمضت اليوم كله في الفراش، وهي لا تعرف ما هذا الخمول الذي أصابها، ربما يكون هذا بسبب العمل الدائم خلال الفترة الماضية.
مرت إحدى الخادمات أمام كارمن، وأوقفتها كارمن بابتسامة: مساء الخير يا رقية
رقية بتهذيب: مساء النور يا هانم
كارمن بتساءل: فين الجم١عة وملك
فوجئت أن أدهم جاء مبكرا جدا اليوم، لأنه عادة يأتي بعد غروب الشمس، لكنها ردت عليها بهدوء: تمام يا رقية روحي انتي علي شغلك
توجهت كارمن إلى المكتب ثم فتحت الباب بعد أن طرقته.
تساءلت كارمن بهدوء: حبيبي انت هنا من امتي؟
أومأت إليه كارمن بفهم، ولم ترغب في إطالة الأسئلة عليه، عندما لاحظت شحوب وجهه، ثم مشيت نحوه بهدوء، ووقفت خلف مقعده، ثم رفعت ذراعيها وغمرت أصابعها في شعره، ودلكته برفق.
أغمض أدهم عينيه مصدرا أنين خاڤت من التعب، وراق له كثيرا ملمس أناملها الرقيقة بين خصلاته، وطغي علي حواسه شعورا بالارتياح مذهل جعل الصداع الذي يألم رأسه يتقلص تدريجيا.
همس أدهم وهو على حاله: لا يا قلبي
تفحصت كارمن وجهه بإهتمام، ثم قالت بإبتسامة: طيب تحب اخليهم يحضرولنا الغداء وناكل كلنا مع بعض
ادهم بتنهيدة: ماليش نفس
طبعت قبلة دافئة على جبهته، قائلة بإصرار ناعم: عشان خطړي تاكل شكلك مرهق اوي ودا غلط علي صحتك ولا انت غاوي بس تقولي اقعدي في البيت وماتتعبيش نفسك وانت تتعب
قالت كارمن بضحكة رائعة جعلت أدهم لا يستطع المقاومة أو الرفض: انت بقيت بكاش اوي علي فكرة برده هتاكل ماتحاولش انا مصرة
وقال أدهم مازحًا بعد أن صفي ذهنه قليلا من أسلوبها الهادئ الحنون ورقة همساتها التي كان يعشقها: ماشي روحي خليهم يحضروا الاكل بس انتي تتفرجي من بعيد ماتبوظيش الاكل
ابتعدت كارمن عنه قليلًا، قائلة بعبوس لطيف: دمك تقيل يا ادهم
ادهم بحب: بهزر يا عيونه
أرسلت له قبلة في الهواء، لتقول بينما تغادر المكتب: ماشي
بعد مرور ساعة
كانت كارمن تتحدث إلى روان على الهاتف، بجانبها ملك التي تلاعب كلبها، وليلي ومريم يتحدثان عن العديد من الموضوعات أثناء متابعتهما إلى التلفاز بعد أن تناولوا جميعًا الغداء.
روان: اخبارك ايه دلوقتي
اجابت كارمن، بينما تلاعب خصلات شعر ابنتها بحنو: الحمدلله تمام بس تعرفي اتعودت علي الشغل حاسة بملل من القعدة
روان بتحذير: ريحي نفسك يا كارمن الصحة مافيهاش هزار
تنهدت كارمن، وقالت بقلة حيلة: انا بقيت احسن دلوقتي والله
روان بنفي: ولو اسمعي الكلام
كارمن بإبتسامة: ماشي يا اختي قوليلي انتي ايه اخر اخبارك
روان بضجر: الروتين العادي الكلية ومذاكرة وطلبات زين وكدا
ثم اضافت بحماس: بس المفاجأة بقي اني اقنعت زين اننا نسافر يومين اسكندرية بعد كام يوم قبل زحمة الامتحانات
كارمن بإستغراب: يا مچنونة الجو بدأ يبرد ماتستني للصيف
روان بنعومة: لا هو بيقول ان اسكندرية في الوقت دا جوها جميل وانا ھموت واروحها بقي
كارمن بهدوء: ماشي ربنا يهينيكم يا رورو.. واحنا مش باقيلنا كتير ويبدأ الديفليه وفي شغل لازم اخلصو وادهم مصمم افضل في البيت
قالت روان بضحكة: ماتعانديش معه وخديه بالسياسة كدا امي علي طول تقولي الجملة دي بس انا ماشاء الله عليا زي الدبش برمي الكلام وانا ونصيبي بقي
في مكتب ادهم
نادين تقف أمام المكتب، وخلفه يقف أدهم بهيئة صارمة للغاية بعد أن أغلق الباب ورائها عندما دخلت.
ينظر أدهم إليها، بينما تغلفه هالة من الغموض لا تستطيع معها تخمين ما يدور في ذهنه.
عصفت الأفكار في ارتباك وقلق برأسها من صمته المطول منذ دخولها من دقائق ولم ينطق بشيء،
و لقد أدى هذا حقًا إلى توتر أعصابها، وجعل القلق يتفاقم بعمق أكبر داخلها.
تفوهت نادين بتوتر: في حاجة يا ادهم انت ليه موقفني كدا
تحدث أدهم ببرود مبهم، وهو ېحترق من الداخل، لكنه سيطر على نفسه بكل قوته حتى لا يرتكب چريمة فيها: كنت عايز اسألك عن حاجة؟
دقت نواقيس الخطړ داخل عقل نادين التي همست بحذر، بينما قلبها يخفق مثل الطبول بين ضلوعها، منذ متى يسألها عن أي شيء: اسأل
أخرج علب صغيرة من جيوبه ووضعها على مكتبه، قائلًا بسؤال بارد، بينما عيناه تطلقان أسهم الڠضب التي كانت على وشك الإطاحة بكل شيء أمامه دون ذرة تفكير: تعرفي دول بتوع ايه!!
هرب الډم من وجهها، وللحظة شعرت أن الغرفة تدور بها عندما رأت تلك الأشياء أمامها، وجعلها الخۏف مثل ورقة مزقتها ريح الخماسين، التي تحمل آلاف الأطنان من الكوارث التي ستدمرها حتمًا، لكنها هتفت متلعثمة بإنكار: لا.. مع.. معرفش.. هما ايه دول
احتد صوت أدهم قائلا بنظرة قوية محذرا: متأكدة
نادين همست بعيون زائغة تفرك يديها في ارتباك شديد: ايوه
ابتسم أدهم ببرود، يتلاعب بأعصابها أكثر ثم أجاب: دول موانع حمل والغريبة انهم كانو في اوضتك وتحديدا جوا دولابك
لم تطمئن أبدًا لهذا البرود الجليدي الذي يغلف صوته، وهذا الهدوء الذي يسود كلامه، تقسم أنه ما هو إلا هدوء ما قبل عاصفة ستندلع بسببها الأخضر واليابس، لكنها هتفت كاذبة: صدقني انا معرفش عنهم اي حاجة
تجعد أدهم حاجبيه شاعرا باشمئزاز من إنكارها غير المجدي قائلًا بسخرية: المفروض اسألك انتي بتستخدمي الحبوب دي ليه وانا مش بخلف ولا بقرب منك اصلا.. الا اذا كنتي بتلعبي بديلك من ورايا يا نادين هانم
سرت قشعريرة باردة في جسد نادين من الړعب الذي كانت تشعر به في تلك اللحظة، وقالت پهستيريا بينما هزت رأسها مستنكرة: انا لا طبعا ازاي تفكر فيا بالشكل دا.. اكيد حد حطهم ليا..