مذاق العشق بقلم سارة المصري

موقع أيام نيوز

أمامها فى تأهب هاتفا 
يعني الكلام صح 
أطرقت برأسها في خجل وهي تفرك يديها المرتعدتين في خوف... 
اختبرت قسۏة أبيها لأول مرة حين دوت صڤعته القوية على وجنتها لتسقط على أريكة قريبة في غرفة مكتبه نهضت في ألم وهي تتحسس ألم اللطمة ليعطها أخرى افقدتها توازنها لتسقط أرضا هذه المرة ...قبض كفه وهو يحاول منع نفسه من ايذائها أكثر لو استجاب لشيطانه لډفنها الأن حية .. 
هتف بأنفاس لاهثة 
ليه يا ايتن ..أنا دلعتك اكتر من أي حد في اخواتك كل طلباتك كانت أوامر ...ليه 
وهم أن يصفعها من جديد وهي تحاول النهوض لولا ان وقف زين الذي دخل فجأة بينهما .. 
اختبئت خلف أخيها ودفنت رأسها في ظهره .. تشبثت به وارتعدت في هلع ...تمزقت حروفها تماما وهي تجيب في جزع 
كنت خاېفة تجوزوني حسام ڠصب عني 
امتقع وجه ابيها وهو يميل اليها صارخا 
أنا قولتلك عمر ده ما هيحصل دي كانت مجرد فرصة ليكو ..لو مرتحتوش كل حاجة كانت هتنتهي
..ولما كان فيه حد فى حياتك مجاش اتقدم ليه ..ليه تهربي معاه يا غبية 
أجابت وهي تتشبث في ذراع زين أكثر وتختبىء خلفه هوا قالي أن ظروفه صعبة ومكنتوش هتوافقو عليه ..فحب ان احنا نحط الكل قدام الأمر الواقع 
لم يحتمل محمود هذه المرة فهم ليجذبها من خلف أخيها ليضغط على ذراعها في قوة صائحا 
تحطي مين يا ف......تحطي راسنا في الطين كلنا 
وبينهما تذكرها ...حبيبته المدمرة بسببهم.. تذكر حين عرض عليها هذا ووعدها بتحدي الكل من أجلها ولكنها رفضت حتى لا يخسر أهله... أغمض عينيه فى ألم فشتان بين من يحب ويتوهم .. 
عاد الى الواقع پصرخة ايتن وقبضة أبيها تعتصر ذراعها في قوة ورغم غيظه منها ويقينه أنها تستحق ما هو أكثر الا انها في النهاية شقيقته ولو تركها لمحمود فسيفتك بها دون شك جذبها من ذراع أبيها وهو يقول 
كفاية كدة 
فعلا كفاية كدة 
الټفت الجميع لصاحب الصوت الذى وقف على الباب يحتبس دموعه في مقلتيه في محاولة بائسة للاحتفاظ بما تبقى من كرامته ..ربما ساعدته حالة الصدمة التى لازال تحت تأثيرها في ذلك ..اقترب في بطء.. 
نظر لها في شرود وكأنه يتعرف ملامحها لأول مرة ... 
كأن هذه لا تمت لحبيبته التي عاش في عشقها منذ طفولته بصلة .. 
همس فى الم يقاومه باستماتة ..ولكن ربما المۏت بما يصاحبه من انتزاع الروح من الجسد لهو أخفأ وطأة من المه هذا 
كفاية اوي يا بنت عمي ...للدرجادي...للدرجادي بتكرهيني... لدرجة انك تهربي مع واحد تاني عشان متتجوزنيش ..ليه ..انا سألتك وانتي رديتي وقولتي مش فارقة ..ادتيني أمل انك مع الوقت هتحبيني... 
واضاف بنبرة حملت من القهر اكثر مما حملت من الثورة 
كنتى قولي انك مش عاوزاني ..كنتى ارفضيني وعمري ما كنت هغصبك ..للدرجادي مشاعري مكنتش فارقة معاكي 
واستدار في بطء مثقلا بانكساره وصډمته ليواجه عمه لائما 
وانت يا عمي مفكرتش فيا ..مفكرتش غير ان تدي لبنتك واحد بيحبها وبيعشق التراب اللى بتمشي عليه لكن مش مهم هوا ..المهم هيا تاخد وبس.. تاخد حبي ليها وخوفى عليها ..لكن انا اخد چرح وتقليل وتجاهل 
اختلجت شفتي محمود وهو يحاول أن يبحث عن رد مناسب فلم يمهله حسام فرصة ليلتفت الى ايتن التي كانت تنتفض من البكاء مواصلا 
انتى اعتبرتي حب ليكي ضعف وفعلا هوا كان كدة ..حبي ليكي هوا اللى خلاني افضل عايش فى البيت ده واشتغل مع عمي وانسى اى طموح ليا بس عشان اكون قريب منك ..حبى ليكي عماني عن تصرفاتك وتقليلك مني واستهتارك بمشاعري 
واشاح بوجهه عنها وهو يخلع دبلتها من خنصره.. 
خلعها في سرعة وقسۏة ربما أراد بها عقاپ نفسه قبلها على افناءه لعمره في حب من لاتستحق .. نظر لها لحظة كأنه يودع معها ماضيه بأسره قبل ان يضعها على مكتب عمه قائلا 
كفاية فعلا لحد كدة ...أنا بحلك من أي ارتباط ...روحي عيشى حياتك بالشكل اللى يعجبك ومع الانسان اللى انتي عايزاه .. انا من النهاردة ابن عمك وبس ..وحقي أنا مسامح فيه 
ونظر الى عمه مضيفا فى هدوء 
عمى أنا مستقيل من الشغل ..والبيت انا هسيبه وهرجع فيلا بابا الله يرحمه وسمر براحتها عاوزة تيجي معايا أو تفضل براحتها 
هنا نطق محمود أخيرا ...استجمع ما أمكنته حالته من كلمات 
حسام اسمعني ...انت ابني زي زين ويوسف وانا لما اخترتك لايتن اخترت اغلى حاجة عندي وادتهالك.. مش زي ما أنت متخيل اني مفكرتش غير فى بنتي وبس 
وامسك بكتفيه مواصلا في حنان حاول به تفتيت شعور ابن أخيه بالقهر والظلم 
أنا مش هقدر الومك ولا أراجعك فى قرار ليك كل الحق فيه ..أما بالنسبة للبيت والشغل فده بيتك وفلوسك يا حسام محدش بيتصدق عليك بيهم 
ابتسم حسام في ألم 
عمي من فضلك أنا محتاج ابعد ..أرجوك انا خلاص خدت قراري 
ونظر اليها لاخر مرة كأنه يودع كل مشاعره تجاهها.. كأنه يخبرها أنه سيخنق قلبه بيده ان نبض بحبها من جديد .. 
لم تملك سوى أن تعتذر بعينيها فكلماتها في مثل هذا الموقف ستكون محض وقاحة من الجميع .. لم تتخيل أنه يحبها لتلك الدرجة ... 
لم تتخيل أنه تنازل عن كل شىء فقط ليبتعد عن جرحها له.. 
لم يكن بالضعف الذي تتخيله بل كانت هي ضعفه الذي خلعه عنه الان مع دبلتها ليبدأ كتابة صفحة جديدة من حياته ... 
وخزات الضمير المؤلمة قد تكالبت عليها .. تجاه زين الذي أفقدته حبيبته.. 
تجاه صوفيا التي عرضتها للامتهان.. 
تجاه ابيها الذي تلاعبت بكرامته .. 
وتجاه حسام الذي جعلها تفكر بأي منطق كانت ستفر منه دون أن تفكر مطلقا في كرامته كرجل .. 
نظرة أخيرة من زين أحړقتها نظرة رجل خسر حبيبته وللأبد حبيبته التى نبض لها قلبه من بين كل نساء الأرض وخسرها بسببها ..وماذا عن أمها لو علمت بعد عودتها .. ماذا بامكانها أن تضيف الى الامها ايضا . 
عاد يوسف من المرحاض بعد أن انتهى من غسل يده الى ايلينا التي كانت على مائدتها تواصل تناول طعامها فى أفخم مطاعم مدريد .. 
جاء من خلفها ليراها تحاول العبث بهاتفه تنهد وهو يحاول أن يتجاوز هذا.. لازالت على وضعها بعدم الثقة به حتى وان ادعت العكس ماضيه لازال يقف عقبه بينهما .. 
مسح وجهه بيده وهو يحاول أن يقنع نفسه ان كل هذا سيتغير مع الوقت فالثقة مجرد بذرة تحتاج الى رعاية من الطرفين لتتشعب جذورها وتثبت اكثر في نفس كل منهما .. 
لف ذراعه حول كتفيها فانتفضت وهي تضع يدها على صدرها وتمسك الهاتف بيدها الأخرى ليمد أصابعه تجاه هاتفه هامسا في أذنها 
ايلينا 
انتفضت لترد في تلعثم 
أنا كنت.. 
قاطعها وهو يهمس مجددا لا يريدها أن تكذب 
كلمة السر ايلينا 
قالها وهو يكتب الحروف فى بطء ليفتح الهاتف أمامها قبل وجنتها بسرعة قبل ان يعود الى مكانه في الكرسى المقابل لها ... 
لاحظ توترها وهي تحاول أن تسوق أي مبرر لما يحدث فقال ليعفيها من الحرج 
هوا موبايلك فاصل ولا ايه ..عايزة تكلمي مين 
تنهدت لتجيبه بما تريده في صدق 
عايزة أكلم صوفيا ...موبايلها مقفول بقاله يومين ومش عارفة أوصلها ..قلقانة عليها أوي يا يوسف 
تناول الهاتف منها قائلا 
هاتي أكلم زين أكيد عارف مكانها 
قبضت على كفه وهي تناوله الهاتف لتسأله في دهشة 
أنت عارف اللي بين صوفيا وزين 
ابتسم وهو يرفع حاجبيه 
زين مقوم البيت كله حريقة بقاله كام شهر عشان خاطرها 
مالت اليه في ترقب 
وأنت يا يوسف رأيك زيهم 
مال بدوره اليها 
قبل ما أعرفك اه كان ممكن يكون رأيى زيهم ..بس من بعد ما عرفتك وعشت السعادة اللى مكنتش أتخيل اني أعشها شايف ان اللي بيتجوزو من غير حب بيفوتهم كتير 
وغمز بعينه وهو يتناول كفها ليقبل باطنه 
وأنا مش عايز أخويا يفوته حاجة 
رمقت نظراته الشغوفه بها فاحمرت وجنتيها وهمهت في خجل 
مش هتكلم زين 
اعتدل من جديد وهو يبتسم ويحتفظ بكفها فى يده قائلا 
هنكلم زين 
وضع الهاتف على أذنه ولحظات وتجهم وجهه تدريجيا وهو يقول في حذر 
تعبانة من امتى يا زين 
ارتعدت ايلينا وسحبت كفها من يده وانتفضت لتقف الى جواره في ترقب حتى أنهى مكالمته ليقف مواجها لها يخبرها في حزن 
للأسف صوفيا تعبت شوية ونقلوها المستشفى 
أمسكت بذراعه تسأله في خوف واضح 
امتى حصل الكلام ده وحالتها ايه 
ضمھا تحت ذراعه يطمأنها 
اهدى حبيبتي هيا كويسة 
نظرت له فى هلع ينفي تصديقها له 
أنا خاېفة عليها اوي يا يوسف 
ربت على وجنتها لتهدىء 
هتبقى كويسة ان شاء الله ..زين قال حاجة بسيطة 
رفعت رأسها اليه بعينين دامعتين ففهم ما تعنيه دون أن تنطق...فهم خجلها فيما تريد طلبه فتنهد في عمق قائلا 
حاضر يا ايلينا هنسافر على أول طيارة 
أمسكت كفه تسأله في حب 
يعنى انتي مش متضايق.. ولا زعلان 
هز رأسه يجيبها في رقة 
من جهة زعلان فأنا زعلان ان احنا هنرجع ومكملناش اسبوعين 
وقبل أن تنطق مواصلا 
بس انتى مادام معايا المكان مش هيفرق ..هنعوضها ان شاء الله 
هنا لم تهتم مطلقا بمن حولها وارتمت بين ذراعيه وهي تقول فى تأثر 
أنا بحبك اوي يا يوسف ...ربنا يخليك ليا 
لم يهتم مثلها بأى شىء حوله وهو يضمها اكثر 
ويخليكى ليا يا اغلى من عمري كله 
أخذت صوفيا وضع الجنين وهي تنام في فراشها تحدق في اللاشىء وعقلها غارق بالتفكير بكل شىء في حياتها كلها من بدايتها ... 
في زين .. 
اه من زين ... 
لماذا ظهر في حياتها من الأصل 
لم يكن سوى نسخة مكررة من غيره لقد غامرت بنفسها من اجل ان تنقذ شقيقته ... 
غامرت من أجله هو... 
من أجل التقاليد التي طالما حاول تلقينها اياها وكانت أخته على وشك الخروج عنها... 
لم يعطها أي فرصة للدفاع عن نفسها وهو يصفها بأشنع التهم كأنها لم تكن كتابا مفتوحا أمامه طيلة الفترة الماضية .. 
أطاعته فى كل شىء وتخلت عن عنادها من اجله وفي المقابل لم يتوان عن اصدار احكامه القاسېة وتنفيذها لم 
وفى تلك اللحظة تمنت لو لم تحبه بعدما كانت ترى ان حبه هو
تم نسخ الرابط