رواية كاملة لداليا الكومي
المحتويات
صوت زقزقة عصفورة علي نافذة غرفتها ...صوت المذياع المفتوح علي اذاعة القرآن الكريم...صوت ابيها سلطان وهو يوقظها كما اعتاد ان يفعل يوميا تغلغلوا لاعماق عقلها وهى نائمه....
قومى يا بنتى ...اصحى عشان تفطري جهزتلك الفطار....
هبه فتحت عينيها بكسل.. شاهدت والدها يقف علي باب غرفتها ....فقفزت من فراشها فورا ...
سلطان قال بحنان ...
يا حبيبتى انا سامعك طول الليل سهرانه بتزاكري ... كان لازم احضرلك الفطار واصحيكى
والدها عم سلطان ...كل حياتها ...من يوم ۏفاة والدتها وهى تلدها وليس لديها أي احد سواه في الدنيا ...والدها كما يقولون مقطوع من شجرة. ..
وحيد بدون عائلة او أي اقرباء حتى من بعيد ...ووالدتها ايضا كانت كذلك حتى عندما تزوج سلطان من فتاة طيبة القلب تحبه ..القدر القاسې لم يمهله وقت للسعادة واخذها منه يوم ولادة بنتهم الجميلة هبه ...اسماها هبه لانها هبة من الله اعطاها اياه ليعوضه بها عن حرمانه من زوجتة الحبيبة...هدية السماء اليه... انارت ايامه القاحلة برقتها وجمالها...
حاضر يا بابا هصلي واجى
سلطان خرج من الغرفة ليصنع لها الشاي وهبه خرجت معه ودخلت الحمام توضئت وعادت غرفتها لتصلي......الحمد لله
مع كل فرض كانت تحمد الله علي حياتها وعلي والدها ... فهو تحمل كتيرا من اجل ان يربيها ويعلمها ... فشخص اخر في نفس ظروفه.. كان تزوج منذ زمن بعيد واحضر لها زوجة اب.. لكن هو فضل ان يعيش حياته لها ... ضحى بكل شيء حتى لقمته كى يعلمها ويوفر لها كل ما يستطيع توفيره
ستة عشر عاما مرت على نفس المنوال ...سلطان يتفانى في دور الاب والام لها ...لم تشعر يوما بنقص في الحنان ...حياتهم البسيطة لا يوجد بها اي تعقيد ...بيتهم البسيط مكون من غرفتين وصالة صغيرة وحمام في منطقة شعبية في القاهرة .. ومع ذلك كان بالنسبة اليها نعمة من الله.. درع الامان الذى تتحامى فيه ...حب ابيها يغطيها ...عم سلطان لم يبخل عليها يوميا بكل ما يملك.. حتى انها تتذكر جيدا الان تضحيه اخري تضاف الي لائحة تضحياته التى لا تنتهى.... فعندما كانت اصغر كانت تراه ېدخن السچائر وبعد ذلك لم تعد تراه يفعل ذلك... ثم ادركت انه ضحى حتى بمزاجه من اجل ان يوفر جنيهات السچائر القليلة لها
معطلكش...هبه علقت علي فطور والدها اللذيذ برقة شديدة ودخلت الي غرفتها تجهزنفسها وتستعد للنزول الي مدرستها
منذ يوم دخولها الي المدرسة وسلطان اعتاد توصيلها حتى باب مدرستها ويعود في وقت الانصراف لارجاعها للمنزل مجددا ..حتى عندما وصلت لمرحلة الدراسة الثانويه سلطان ايضا كان يقوم بتوصيلها الي المدرسة... في البداية كان يرافقها علي قدميه فمدرستها السابقة كانت بجوار منزلهم تماما ولكن بعدما انتقلت الي المرحلة الثانوية والمدرسة اصبحت في حى اخر ...سلطان اصبح يعانى معاناة شديدة عند توصيلها من والي المدرسة... فميزانيتهم المحدوده لم تكن تسمح لهم ابدا بركوب سيارات الاجرة... لكن القدر الكريم تدخل ...فعندما علم صاحب العمل بمشكلته اعطاه سلفة من راتبه تسدد علي اقساط مريحة ساعدته علي ان يشتري دراجة ڼارية كانت كمعجزه لهم رحمتهم من ذ ل المواصلات العامة ...ومن ميزانية سيارات الاجرة الخرافية...
هبه دخلت الي غرفتها...ارتدت زى المدرسة الكحلي لمت شعرها الاصفر برباط رفيع وجعلته علي شكل ضفيرة ...اخذت شنطتها وخرجت الي سلطان المنتظر بهدوء ... دائما سلطان كان ينتظرها بصبر ...لم يشتكى يوما من انتظارها ...اخبرها انه سينتظرها للابد حتى اخر يوم في عمره سلطان كان دائما يزكر المت ...كان دائما قلبه يحدثه انه لن يعيش طويلا وكان ايضا يبوح بتلك المخاۏف لهبه التى كانت تشعر بالر عب من مجرد ذكر الفكرة ...فماذا ستفعل هى بدونه ... هبة ركبت خلف سلطان الذى انزلها امام مدرستها واكمل طريقة الي عملة كالمعتاد...
ومثل كل يوم كانت تجده في انتظارها قبل ميعاد الانصراف كى يرجعها الى منزلهم الصغير .... كان يقوم بالطبخ واعمال التنظيف
متابعة القراءة