الدهاشنة لأية محمد
المحتويات
يترمم الچرح النازف بداخلها تخشى ان تتعلق به فيتركها خائبة الامل ويبعدها عنه مجددا منحها ما هو الأجمل بالموافقة حينما جذبها لداخل حصنه المنيع يحتضنها بداخله فتسللت نبضات قلبه المختبئة خلف صدره إلى أذنيها التي تستند على صدره القاسې فارتعش جسدها من لوعة عشقها له وكأنها احتضنتها الفرحة لتعيق بينها وبين الحزن والألم بسد منيع ما كان سرا يؤلمها الاحتفاظ به بمفردها ها أصبح أحدا يشاركها به ويربت على ظهرها بحنان ليخبرها بأنه لا بأس مر الأمر... يربت عليها ويخبرها بأنها على ما يرام الآن انفطرت دموعها وشهقاتها الخاڤتة فاهتز جسدها من فرط البكاء بين احضانها كأنها تشاركه ما مرت به من أوجاع وهو يستقبل ما تلقيه بصدر رحب وكلما شعر بترنح جسدها شدد من احتضانه ليخرج صوته الرخيم
تعلقت بقميصه الأبيض الذي احتفظ بدمعاتها وهي تردد بصوت هامس
_أنا السبب يا بدر.. انا اللي عملت كده في نفسي... آآ.... آنا السبب..
وانهت كلماتها ليترنح رأسها الثقيل للخلف ففزع حينما رأها فقدت الوعي لطم وجنتها بهدوء وهو يناديها
_ رؤى!
الصمت والسكون تغلب عليها فجعلها كالچثة التي فارقت الحياة انكمشت ملامحه پذعر فانحنى ليضع يديه من أسفلها ليحملها سريعا لفراشه ومن ثم أسرع للسراحة ليجذب عطره الخاص ومن ثم نثر منه على لائحة يديه ليقربها من انفها وهو يؤمرها بحدة
هزت رأسها للجهة الأخرى وكأنها تشعر بالتقزز من رائحة هذا البرفنيوم الذي يساعدها على افاقة وعيها في حين أنها اختارت الهروب من مواجهته وكلما استدار بوجهها للجهة الاخرى اسرع بيديه خلفها حتى فتحت عينيها الثقيلة لتقابل نظراتها المتلهفة للإطمئنان عليها فحاولت الاستناد بلائحة يدها على الفراش لتستقيم بجلستها فكادت بأن يختل توازنها ليساندها بدر حتى جلست بالطريقة التي أرحتها فجذب كأس المياه المسكوب ثم قدمه لها قائلا بثبات عجيب
تناولته منه ثم ارتشفت بضع قطرات وأعادته اليها فوضعه على الكومود ثم تطلع لها قبل ان يردد پغضب متخفي بصوته الهادئ
_هو مين ... أنا أعرفه
جزت على شفتيها السفلية بأسنانها حينما تذكرت هذا الأرعن ثم قالت بدموع سبقتها بالحديث
_معرفش كل اللي أعرفه إنه اسمه مروان ومن مصر كان بيدرس عندنا هو صديق مارثا صاحبتي وهي اللي عرفتني عليه وكنا بنتقابل كلنا في مكان عام..
_هو كان بيحاول يتقرب مني وانا اديته الفرصة بس مكنتش متوقعة إنه يعمل فيا كده..
وبكت بحړقة حينما تذكرت هذا اليوم المشؤم فقال بحزن
_ليه عملتي في نفسك كده يا رؤى
نهضت عن الفراش لتقف مقابله وهي تطلع له پصدمة من سؤاله الذي يفترض به معرفة الاجابة فخرج صوتها متقطع كحالها
ومسحت دمعاتها وهي تبتسم بإلم
_لو كان في امل بسيط إني أرجع واعتذرلك وأحاول أرجع علاقتنا زي الاول فالأمل ده انتهى بعد اللي حصلي يا بدر..
واخفضت عينيها أرضا ثم اسرعت بالخروج من أمامه فأغلقت الباب من خلفها لتعود لغرفتها محطمة القلب وإن كان فؤادها قد داوه حضنه الدافئ..
تعبث بخصلات شعرها القصير بعض الشيء بابتسامة حالمة به حديثه القليل ومظهره الرجولي أفتك بها تلاشت تلك الابتسامة حينما لمحت عينيها الدبلة التي ترتديها بأصبع يدها فاستوقفتها اللحظة لتعاتبها بأنها تعتبر على ذمة رجل أخر أنبت روجينا نفسها ألف مرة على السماح لنفسها بالتفكير لغيره فهمست بصوت مخټنق بالدموع
_أيه اللي أنا بعمله ده واحد وأتقذني من المۏت وشكرته خلاص الموضوع انتهى ليه شاغلة نفسي بالتفكير فيه كل ده.
وأبعدت تلك الخصلة المتمردة على عينيها پغضب فشعرت بأنها مشتتة وبحاجة لأن تهتدي لضالتها لذا أسرعت لهاتفها فجذبته لتضغط على زر الاتصال الخاص به ورفعته بلهفة لسماع صوته عل قلبها يهتدي على من ينبغي عليها حبه عوضا عن هذا الغريب الذي اقتحم اساورها العالية..
انزعج من نومه على صوت هاتفه فقربه إليه ليتسلل الضيق لمعالمه حينما رأى اسمها فتح أحمد الهاتف وهو يجيبها بجفاء
_خير أيه اللي فكرك بيا
اتاه ردها الحاد
_وأنت اللي بتسأل يعني!
قال بابتسامة ساخرة
_مش لما أعرف خطيبتي فين أبقى أسأل انتي مش واخدة بالك من تصرفاتك يا روجينا ولا أيه!
_تصرفاتي!! أنا عملت أيه عشان تكلمني باسلوبك ده!
سحب الغطاء عن جسده ثم نهض ليجلس على المقعد القريب منه وهو يجيبها بتعصب شديد
_انتي مش شايفة نفسك غلط لما تسافري كده من غير ما تعرفيني وأدرى من بدر انك مسافرة اسكندرية!
قالت باستغراب
_وأخد اذنك ليه ما أنا استأذنت من أخويا ووافق انت عايز تتحكم فيا من دلوقتي يا أحمد..
طعنته كلماتها فقال
_لا لسه ممتلكتش الحق اللي يخليني اتحكم فيكي ولكن على الاقل أعرف انتي راحة فين وبتعملي أيه عموما استمتعي برحلتك ونتكلم لما ترجعي يا بنت عمي.
واغلق الهاتف وهو يحاول ابتلاع كلماتها الحادة يشعر بأنه لم يعد يملك المقدرة على استكمال تلك العلاقة المخادعة ولكنه مجبور على ذلك فكيف سيفعل ذلك بابنة عمه بعد خطوبة دامت لاكثر من ثلاثة أعوام أفاقأحمد من شروده المطول على صوت رنين باب الشقة فنهض ليفتح الباب فتفاجئ بها تقف من أمامه باسدال الصلاة الذي يزيدها جمالا وحشمة أشارت له حور بضيق
_أنت فين يا احمد الاكل برد وانا برن عليك الجرس من الصبح مش بترد!
أجابها بابتسامة عابثة
_راحت عليا نومة في الوقت الغلط اوعي تكونوا مكملتوش حسابي.
أجابته سريعا
_لا طبعا أنا شلتلك اكلك.
وأشارت له على باب الشقة قائلة
_يالا تعالى..
اتبعها بعدما أغلق الباب فولج من بعدها ليردد بمرح وهو يتأمل السفرة
_ده الحبايب كلهم هنا أهو..
التهم عبد الرحمن قطعة الدجاج من أمامه وهو يجيبه بمزح
_حد يفوت أكلة من إيد حور!
جاهد لرسم ابتسامة مخادعة ليخفي بها غيرته الغامضة فوزعت انظاره لماسة التي تجلس جوار يحيى يطعمها بيديه ويا للعجب تتناول طعامها بقبول تام له فإقترب أحمد منهما وهو يشير ليحيى بعدم فهم فابتسم وهو يجيبه بكلمات مبهمة لماشة ولكن تفهمها أحمد ومن حوله
_حور صممت مننزلش الا لما نتغدى بس أحنا هناكل كل الاكل ده وننزل الملاهي زي ما اتفقنا صح يا ماسة
أجابته بحماس وفرحة
_ ومش هنأخدطارق الۏحش معانا صح يا يحيى
تعالت ضحكات الجميع ليجيبهايحيى وهو يمسح حبات الارز على جانبي شفتيها
_صح يا روح يحيى يلا خلصي أكلك بسرعة
قبل ما ينزل ويشوفنا.
التهمت قطعة الدجاج بيديه بسرعة وهي تشير له بانصياع فاتسعت ابتسامة أحمد الذي أومأ برأسه ليحيى وهو يخبره
_الحمد لله إنها تخطت المرحلة دي.
بادله الابتسامة ثم انشغل بها فنادته حور مجددا
_انت لسه واقف يا احمد اقعد.
جلس على المقعد التي أشارت اليه ثم جذب أحد الأطباق وكاد بأن يضع قطعة من الدجاج وقطعة من المعكرونة فأسرعت اليه حور لتجذب الطبق من أمامه ثم وضعت الطاجن الذي يغطيه السلوفان قائلة بسخرية
_انت نسيت الاتفاق ولا ايه
حرر السلوفان وهو يردد بعدم تصديق
_أيه ده لحقتي تعملي ورق العنب بالسرعة دي..
وضعت تالين السلطة من يدها على الطاولة وهي تجيبه بدلا عنها
_هي راضية تقعد من ساعتها ولا حتى تخليني أساعدها دي من ساعة ما رجعت من الامتحان وهي مطلعتش من المطبخ..
قال عبد الرحمن وهو يلوك طعامه بتلذذ
_لا بس بصراحة تسلم ايدها الأكل مالوش حل.
ابتسمت بفرحة
_الف هنا.
ثم اتنقلت نظراتها المتلهفة اليه لسماع رأيه هو الأخر فغمس احمد الشوكة في أحدى لفات ورق العنب الشهي وتذوقها ومن ثم رفع وجهه مقابلها ليشير برأسه بابتسامة عذباء سعدت للغاية بما أخبرتها بها عينيه فانتبهت حور لمراقبة تالين لها فشعرت وكأنها ترتكب ذنب أو جرما ما فالهت ذاتها بتناول الطعام ومن ثم أسرعت بلم الاطباق حينما انتهوا جميعا من تناوله فأستأذن يحيى بالإنصراف واصطحب ماسة لسيارته أما عبد الرحمن فجلس جوار أحمد بالصالون بانتظار الشاي الذي وعدتهم تالين بإعداده..
بالمطبخ..
تهربت حور من نظرات تالين المحاصرة لها فاشغلت ذاتها بتنظيف الأطباق وتركتها تحضر الشاي وضعت تالين ملعقة من السكر في كل كوب وانتظرت الشاي حتى ينضج فقالت حور بلهفة
_احمد بيحب الشاي يكون فيه معلقتين سكر مش واحدة..
تخلت تالين عن صمتها قائلة بشك
_أنتي
مركزة مع كل حاجة بيحبها أحمد بطريقة مش معقولة يا حور!
تلاشت ابتسامتها وتطلعت لها بارتباك شديد فقالت بتلعثم واضح
_لا بس عملته الشاي مع بدر ويحيى اكتر من مرة فأكيد عارفة كل واحد منهم بيشرب بكام معلقة سكر!
رفعت يدها على كتفيها بحنان ثم قالت بابتسامة هادئة
_يا حبيبتي أنا مقصدش حاجة لاني عارفة إن مستحيل يكون في بينكم حاجة خصوصا إن احمد مرتبط بروجينا من سنين وفرحهم بعد شهرين أنا بس بحذرك عشان تخدي بالك ممكن روجينا تفهم اهتمامك ده غلط وأنتي نيتك صافية ومش بدماغك حاجة.
شعرت بأن هناك سوط حاد يجلدها بقوة فتماسكت وهي تجيبها ببسمة تتعلق بها بتشبث
_عارفة وأنتي على فكرة بتتكلمي صح.
_الحقي الشاي غلي.
واغلقت حور النيران ثم حملت البراد وسكبت منه بالأكواب لتصفن بكلماتها من جديد حتى انها لم تنتبه للكوب الذي إمتلأ لأخره بالشاي الساخن فصړخت بها تالين فمن غفلتها تركت البراد لتمسك الكوب فسقط على قدميها ليهتز جسدها بقوة من شدة الألم فأهتز الكوب الذي تحمله ليتساقط على يدها فتعالت صرخاتها المتوجعة ومن خلفها تالين التي تحاول ابعاد الاسدال عن قدميها حتى لا يلتصق بجلدها المحروق هرول عبد الرحمن للداخل واحمد الذي تساءل بفزع
_في أيه
اجابته تالين پبكاء
_البراد حړق أيدها ورجليها.
دون عقل أو تفكير فيما سيظنه من حوله هرع إليها ليجد الچروح بالغة للغاية لم يتردد لحظة واحدة وحملها ليدلف بها للحمام المجاور للمطبخ فوضع الماء على يدها ومن ثم جذب الدش المتنقل ليسقطه على قدميها فتعلقت بجاكيت بذلته الأسود وهي تبكي پألم لم يتحمل رؤيتها
هكذا فقال
_لازم نروح المستشفى الحړق مش عادي.
قالت بصوت مرتعش
_لا بلاش مستشفى بالله عليك.. أنا خاېفة.
أجابها عبد الرحمن من خلفها بحزم
_مينفعش يا حور ده حړق مش لعب عيال..
وأشار لاحمد بجدية
_هاتها يا أحمد عما أجيب العربية تحت العمارة.
أومأ برأسه وحملها بخفة من جديد فأسرعت تالين لتفتح الباب اليه ثم صړخت به قائلة بدموع
_استنى يا احمد لما اغير هدومي وأجي معاكم.
اشار لها وهو يتخطى الدرج
_خليكي هنا وانا هبقى اطمنك بالتليفون.
واستكمل خطاه السريع للاسفل فوضعها بالمقعد برفق وحذر ثم صعد جوار عبد الرحمن وعينيه لم تتركها لحظة واحدة..
كلما يزحف القطار من بلدتها ېتمزق قلبها اربا وكأنها تقترب من حتفها أغلقت تسنيم عينيها المتورمة من أثر عدم النوم وهي تحاول التقاط انفاسها على مهل تخشى رؤية خالها البغيض مجددا تمقت صلة القرابة التي تحتمها على قبوله بالاجبار مازالت تلك الرجفة القاسېة تكتسح جسدها حينما تتذكره
متابعة القراءة